اخبار السياحةتاريخ مصر

قناع توت عنخ آمون: رحلة أيقونة مصرية عبر معارض العالم

مقدمة

يُعتبر قناع توت عنخ آمون الذهبي واحداً من أهم الكنوز الأثرية في التاريخ، والتي لا تزال تأسر العقول وتجذب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم. منذ اكتشافه على يد عالم الآثار هوارد كارتر عام 1925 في مقبرة الفرعون الصغير، أصبح هذا القناع رمزاً للحضارة المصرية العريقة وجسراً يربط بين الماضي والحاضر.

فهرس المحتوى

تاريخ القناع وأهميته الأثرية

يرجع تاريخ قناع توت عنخ آمون إلى عصر الأسرة الثامنة عشر في مصر القديمة، حيث حكم الملك الشاب توت عنخ آمون بين عامي 1332-1323 قبل الميلاد. صُنع هذا القناع الاستثنائي من الذهب الخالص ويبلغ وزنه حوالي 10.23 كيلوجرام، بأبعاد 54 × 39.3 × 49 سم.

يمثل القناع الملك وهو يرتدي النمس الفرعوني، وهو غطاء رأس مخطط بالأبيض والأزرق، وتزين جبهته أفعى الكوبرا المقدسة والنسر، رمزي مصر العليا والسفلى. كما يضم لحية مضفرة تقليدية للملوك المصريين.

وصف القناع ومكوناته

يتكون قناع توت عنخ آمون من مواد ثمينة متنوعة تعكس ثراء وفخامة الحضارة المصرية القديمة:

المواد المستخدمة:

  • الذهب: تم استخراجه من الصحراء الشرقية لمصر أو منطقة النوبة
  • اللازورد: جُلب من جبال بدخشان في أفغانستان لتشكيل حواجب القناع والمكياج المحيط بالعينين
  • العقيق والفيروز: من الصحاري المصرية
  • حجر السج: ربما من إثيوبيا لتشكيل تلاميذ العينين

قصة الاكتشاف

في 28 أكتوبر 1925، اكتشف هوارد كارتر قناع توت عنخ آمون في مقبرة رقم 62 بوادي الملوك. كان هذا الاكتشاف جزءاً من أعظم الاكتشافات الأثرية في التاريخ، حيث كانت مقبرة توت عنخ آمون هي الوحيدة التي وُجدت سليمة تقريباً من بين مقابر الفراعنة.

أثار الاكتشاف ضجة عالمية واسعة، وأصبح القناع على الفور رمزاً للغموض والجمال المصري القديم. منذ ذلك الحين، أصبح القناع واحداً من أكثر القطع الأثرية شهرة في العالم.

مصر تُعيد فتح مقبرة توت عنخ آمون «بعد تجديد العفش»

جولات القناع حول العالم

شارك قناع توت عنخ آمون في عدة معارض دولية مهمة، مما جعله أحد أكثر الآثار المصرية زيارة في العالم:

المعارض الرئيسية:

  • معرض “كنوز توت عنخ آمون” (1972-1981): بدأ في لندن بالمتحف البريطاني وزاره أكثر من 1.6 مليون شخص
  • جولة الولايات المتحدة: زار متاحف في نيويورك وواشنطن وشيكاغو ولوس أنجلوس
  • المعارض في كندا وألمانيا: جذبت ملايين الزوار في تورونتو وكولون
  • اليابان والاتحاد السوفيتي: معارض خاصة في طوكيو وموسكو

الأهمية السياحية

يُعتبر قناع توت عنخ آمون محرك سياحي قوي لمصر، حيث يجذب ملايين السياح سنوياً الذين يأتون خصيصاً لرؤية هذه التحفة الفنية. وقد ساهم في:

  • زيادة الوعي بالحضارة المصرية: أصبح القناع سفيراً للثقافة المصرية حول العالم
  • الجذب السياحي: يُعتبر من أهم عوامل الجذب في المتحف المصري
  • التبادل الثقافي: ساهمت المعارض الدولية في تعزيز العلاقات الثقافية بين مصر والعالم
  • الاستثمار في البنية التحتية: دفع إلى تطوير المتاحف والمرافق السياحية

ما سر الهوس العالمي بمقبرة توت عنخ آمون؟ - BBC News عربي

أشهر المعارض التاريخية

معرض المتحف البريطاني (1972)

كان هذا أول معرض دولي كبير للكنوز المصرية، وافتتحته الملكة إليزابيث الثانية رسمياً. زار المعرض أكثر من 30 ألف شخص في الأسبوع الأول، وتم تمديد مدته بسبب الإقبال الهائل.

معارض “توت عنخ آمون والعصر الذهبي للفراعنة” (2005-2011)

عرضت 130 قطعة أثرية أصلية، منها 50 قطعة من مقبرة توت عنخ آمون نفسه. جالت في أكثر من 10 مدن حول العالم وجذبت أكثر من 8 ملايين زائر.

معرض “توت عنخ آمون: مقبرته وكنوزه”

معرض متنقل يستخدم النسخ الدقيقة وإعادة البناء لتقديم تجربة غامرة للزوار، مما يضع معايير جديدة في علم المتاحف الحديثة.

الموقع الحالي والمتحف المصري الكبير

حالياً، يقع قناع توت عنخ آمون في المتحف المصري بالقاهرة، لكن قررت الحكومة المصرية أن القناع أصبح هشاً جداً للسفر. لذلك، سيبقى في مصر بشكل دائم.

مع افتتاح المتحف المصري الكبير قريباً من أهرامات الجيزة، سيكون للقناع موطن جديد أكثر حداثة ومجهز بأحدث التقنيات لعرض وحفظ هذه التحفة الاستثنائية. سيضم المتحف الجديد مجموعة كاملة من كنوز توت عنخ آمون لأول مرة في التاريخ.

الخلاصة

يبقى قناع توت عنخ آمون رمزاً خالداً للحضارة المصرية وإنجازاتها الفنية المذهلة. من خلال جولاته حول العالم في المعارض المختلفة، نجح في نشر الثقافة المصرية وجذب ملايين الزوار للتعرف على عظمة مصر القديمة.

اليوم، مع التحضيرات لنقله إلى المتحف المصري الكبير، يستمر هذا الكنز الأثري في لعب دور حيوي في تعزيز السياحة المصرية وترسيخ مكانة مصر كمهد للحضارات وموطن للكنوز التاريخية التي لا تُقدر بثمن.

إن قناع توت عنخ آمون ليس مجرد قطعة أثرية، بل هو سفير ثقافي يحمل رسالة الحضارة المصرية إلى العالم، ويؤكد على الدور الرائد لمصر في التاريخ الإنساني والفن القديم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى